حديث الروح للأرواح يسري ** وتدركه القلوب بلا عناءِ.
هتفت به فطار بلا جناحٍ ** وشق أنينه صدر الفضاءِ.
ومعدنه ترابي ولكن ** جرت في لفظه لغة السماءِ.
لقد فاضت دموع العشق مني ** حديثًا كان علوي النداءِ.
فحلق في ربا الأفلاك حتى ** أهاج العالم الأعلى بكائي.
***
تحاورت النجوم وقلن صوتٌ ** بقرب العرش موصول الدعاءِ.
وجاوبت المجرة علّ طيفاً ** سرى بين الكواكب في خفاءِ.
وقال البدر هذا قلب شاكٍ ** يواصل شدوه عند المساءِ.
ولم يعرف سوى رضوان صوتي ** وما أحراه عندي بالوفاءِ.
***
شكواي أم نجواي في هذا الدجى ** ونجوم ليلي حُسّدي أم عوّدي.
أمسيت في الماضي أعيش كأنما ** قطع الزمان طريق أمسي عن غدي.
والطير صادحة على أفنانها ** تبكي الربى بأنينها المتجددِ.
قد طال تسهيدي وطال نشيدها ** ومدامعي كالطل في الغصن الندي.
فإلى متى صمتي كأني زهرةٌ ** خرساء لم ترزق براعة منشدِ.
***
قيثارتي ملئت بأنات الجوى ** لابد للمكبوت من فيضانِ.
صعدت إلى شفتي خواطر مهجتي ** ليبين عنها منطقي ولساني.
أنا ما تعديت القناعة والرضا ** لكنما هي قصة الأشجانِ.
يشكو لك اللهم قلب لم يعش ** إلا لحمد علاك في الأكوانِ.
***
من قام يهتف باسم ذاتك قبلنا ** من كان يدعو الواحد القهارَ.
عبدوا الكواكب والنجوم جهالةً ** لم يبلغوا من هديها أنوارا.
هل أعلن التوحيد داعٍ قبلنا ** وهدى القلوب إليك والأنظارَ.
ندعو جهاراً لا إله سوى الذي ** صنع الوجود وقدر الأقدارَ.
***
إذا الإيمان ضاع فلا أمانٌ ** ولا دنيا لمن لم يحيي دينا.
ومن يرضى الحياة بغير دينٍ ** فقد جعل الفناء لها قرينا.
وفي التوحيد للهمم اتحادٌ ** ولن تبنوا العلا متفرقينَ.
***
ألم يبعث لأمتكم نبيٌ ** يوحدكم على نهج الوئامِ.
ومصحفكم وقبلتكم جميعاً ** منار للأخوة والسلامِ.
وفوق الكل رحمن رحيمٌ ** إله واحد رب الأنامِ.