بسم الله الرحمٰن الرحيم
الحمدُ للهِ وَحْدَه .. والصَّلاةُ والسَّلامُ علىٰ مَن لا نَبيَّ بَعْدَه .. وعلىٰ آلِهِ وأزواجِه وصَحبِه..
أما بعد ..
تتوالى الإساءة إلى رموز الإسلام الكبيرة, مثيرة للمشاعر و العواطف, و هذه الأيام تأتي إساءة ممنهجة للسيدة عائشة من أناس يدعون أنهم أتباع آل البيت.
عبارات ساقطة, و قصائد منحطة, و وجوه سوداء, و قلوب أشد سوادا, أحقاد فارسية, و تعاليم مجوسية, بألسنة عربية تعرفها في لحن القول , هم العدو فالحذر الحذر منهم.
اعتداء صارخ على المقدسات, و استفزاز واضح للمشاعر, و من كان تسعة أعشار دينه الكذب , و كذب , و أيضا كذب , و من كان شيخه عبد الله بن سبأ اليهودي, و فارسه أبو لؤلؤة المجوسي ,و محدثه زرارة بن أعين النصراني , فما يُرام منهم غير ذاك؟
الغيورون في الكويت, طالبوا الانتربول بتسليمهم ذاك الخبيث لمحاكمته, لكن البوليس الدولي اعتذر, إذ أن الجريمة فكرية و ليست جنائية, و بالتالي ليس من صلاحياته القبض عليه.
و لو كان السب طال اليهود الغير كرام, أو شكك مجرد تشكيك بما يسمى ب(الهولوكوست), لقامت الدنيا و لم تقعد.
و رغم التصعيد الذي صاحب محاضرته الفاشلة , لم يرعوي خائب السعي, قاصر العقل ,بل استمر متماديا في العداوة , ممعنا بالحقارة, تحركه أحقاد صدره التي تكفي لملئ قلوب العالمين.
عجبا لمن آذى رسول الله, عجبا لمن جعل الله خصمه, هو سبحانه الذي يدافع عن المؤمنين, و محمد خير الخلق أجمعين, الله حسبه و وكيله, فإلى أين يفر ذلك الجاحد؟ إلى أين يهرب ذاك المعاند؟ و لا مفر و لا ملجأ منه إلا إليه.
و لك يا أمي مداد قلبي قبل قلمي, و جعله الله حجة لي لا علي, فلا خير في أقلامنا إن ما سمعنا دويها اليوم, و عَدِمنا محابرنا و أوراقنا إن ما جعلناها فداءك , و ليسأل كل من احترف الكتابة نفسه: ما قيمة البيان إن ما ثار انتفاضا لأمه؟ و ما قيمة البلاغة إن ما كان لها لسان يزأر في وجه كل شانئ أبتر؟ ما قيمة الكلام إن ما كان ثورة للحق , انتصارا للكرامة؟...و لكن أي قلم سيوفيك يا أمي حقك؟...و الفصاحة بمعرض الحديث عنك لحن في القول! و كل مدح فيك بضاعة مزجاة لا يساوي دراهم معدودة! و أي ثناء سيضيف لمجدك مجدا, و الله عز في علاه زكاك, فاختارك حليلة لخليله, و أنزل فيك آيات بينات محكمات, و قال عز من قائل( وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ)...فمن أطيب من زوجك, يا طاهرة الذيل, يا كريمة النفس, يا شريفة الحسب...يا أم المؤمنين!
عَلِمتُكِ، واللَّهُ الحَسيبُ، عفيفة ً
منَ المؤمناتِ غيرَ ذاتِ غوائلِ
و اقبلي عذر قلمي ,فحجته قاصرة, و صناعته ضعيفة, سار في مرابعك بلا عدد و لا مدد سوى حبك, و رجاء أن يفوز بشفاعة صاحبك, فأنت في غنى عن أقلام العالمين كلهم, و لكن ليس لنا غنى عنك, لقد سرنا في ركابك علّ الله أن يرحمنا و يغفر للصادق منا, و نسأله الإخلاص فيما قلنا و كتبنا, و العذر فيما قصرنا و أخطأنا.
و عودا للكاذب العاسر البغيض, مدعي محبة آل البيت, و لو كان يحبهم لاقتفى آثارهم , و استن بسنتهم, أما علم ذاك الدعي أن آل البيت هم أكمل الناس أخلاقا؟ أما علم أنهم ليسوا بالفاحشين و لا بالمتفحشين, ولا بالسبابين , و لا باللعانين؟
أما سمع قول علي_الذي يدعي أنه إمامه_( لا تهتكنّ سرا, و لا تدخلنّ دارا, و لا تهيجنّ امرأة بأذى, و إن شتمن أعراضكم, وسفهن أمراءكم, فإنهن ضعاف, ولقد كنا نؤمر بالكف عنهن, وإنهن لمشركات....فلا يبلغني عن أحد عرض لامرأة فأنكل به شرار الناس) تلك هي أخلاق آل البيت عليهم سلام الله, و ذاك هو وعيد أمير المؤمنين لمن يتعرض للنساء, فليت نثري لو كان هنا, أي جزاء سيجازي ذاك المجنون على ما تقيأ به في احتفالهم الخائب ضد أم المؤمنين؟
إن العلاقة التي ربطت عائشة بعلي , أكبر من أي خلاف, و أعمق من أي قتال, علاقة الأم الحنون بابنها البار, فهي أم المؤمنين , و هو سيد المؤمنين في زمانه, قد تكون عائشة اتخذت موقفا من علي في أعقاب فتنة مقتل عثمان, و وقفت في الحرب مع خصومه , و لكن عندما انتهى القتال انتهى الخلاف.
و يغفر الله لأبي الحسن ما أكرمه و أحلمه!
فبعد انقضاء المعركة , جهز عائشة بما تحتاجه من متاع و زاد و راحلة, و أعادها لبيتها معززة مكرمة , و جلد من تعرض لها , بل وسما إحدى بناته عليها, في تأكيد على المشاعر النبيلة التي يكنها تجاهها, و لا غرو فما كان لرجل بمثل قامته, أن يخلف النبي عليه السلام في أهله بسوء, فهو أكرم من أن ينتصر لنفسه, و أورع من أن يعادي حبيبة حبيبه.
جمعتْ في صفاتِكَ الأضدادُ،
فلهذا عزتْ لكَ الأندادُ
زاهدٌ، حاكمٌ، حليمٌ، شجاع،
ناسكٌ، فاتكٌ، فقيرٌ، جوادُ
و كانت رضي الله عنها, تبكي أشد البكاء كلما تذكرت يوم الجمل, و ما ندمت على شيء كندمها على قتال علي , و ما كان خروجها عليه كفرا, فهي مجتهدة آبت للحق يوم بان لها, و يرحم الله عمار بن ياسر , الذي بعثه علي ليستنفر أهل الكوفة , فرقى المنبر و قال: أما و الله إني لأعلم أنها زوجة نبيكم في الدنيا و الآخرة, و لكن الله ابتلاكم لتتبعوه أم إياها.
فكل تلك المسرحيات, التي زورها المهرجون ليست نصرة لآل البيت, أو حبا فيهم, فلو كانوا صادقين, لماذا لا يحتفلون مثلا بموت عبد الرحمن بن ملجم و هو قاتل علي؟ و لماذا لا يرقصون بيوم هلاك شمر بن جوشن وهو الذي حز رأس الحسين؟
لماذا لا يشتمون أبا جهل و هو الذي ناصب نبيهم العداء , أو أبا لهب , عقبة بن أبي معيط , أمية بن خلف؟
تركوا شرار أهل الأرض, و انبروا للصديقة بنت الصديق, يسبونها و محمد عليه السلام يقول ( يا أم سلمة لا تؤذيني في عائشة) و يسبون أباها و المصطفى عليه السلام يقول ( فهل أنتم تاركوا لي صاحبي؟)
أولئك آبائي فجئني بمثلهم
إذا جمع الأقيالَ أندية ٌ زُهرُ
عليهم صلاة الله ما ذر شارقٌ
وما لاح في الآفاق من نورهم فجر
و قد قال رجل لأبي زرعة الرازي: إني لأبغض معاوية. فقال له: و لما يا ابن أخي؟ قال: لأنه قاتل عليا. فقال له: إن رب معاوية رب رحيم, و خصم معاوية خصم كريم, فما دخولك بينهما؟
حقا......
إن رب عائشة رب رحيم, و خصمها ابن كريم, فما دخول الأدعياء الدخلاء بين الابن و أمه؟
قاتلهم الله و عليهم أشد ما يستحقون.